نقطة البداية لجميع الصلوات هي تلاوة العبارة الجميلة «الله أكبر». هذه الجملة القصيرة إذا تمّ التعبیر عنها باهتمام واعتقاد من القلب، تفتح أمام المصلّي نافذة علی الروحانيّة وسوف يواجهه بعظمة إله عظيم لا نهاية لکبریائه[1]، بحيث لا يتبقّى مجال للانتباه إلى الآخرين ويوفّر له الظروف اللازمة للعبادة المليئة بالخشوع والشكر[2].
القيمة الحقيقية لكل شخص تعتمد على موقعه بالنسبة إلى الحقيقة، والوصول إلى مستويات أعلى في هذا التسلسل الهرمي يعتمد على معرفة المزيد من الحقائق[3]. وذروة هذه المراتب تعتمد على الفهم العميق لنقطة مفادها الاعتراف بأنّ أفضل الأوصاف لا تتناسب مع عظمة الحقّ المطلق[4] وهو فوق كل حمد وثناء من البشر[5] ولا یمکن وصفه.
تبدأ الصلوة بهذا الاعتراف المهمّ حتى نلاحظ أنّه یجب أن نعتبر الله أفضل وأعلی حتّی ممّا نقوله أثناء الصلاة والغرض من هذه الأذكار هو الخضوع والتواضع لهذه العظمة. وهذا هو نفس الهدف الذي ذكره القرآن للشعائر الأخرى، کما ذکر الهدف من الصيام[6] وفلسفة التضحية في الحج[7] تعظیم الله مع الشكر لهدايته.
قول «الله أكبر» في أول الصلاة يسمّى «تكبيرة الإحرام» لأنها علامة دخول الحرم الذي يجب احترامه بالتجنّب عن کلّ شیئ لا یتناسب مع قدسیّته وترک کلّ عمل یخرج المصلّي بارتکابه عن حال العبادة حتى نهاية الصلاة، كالالتفات عن جهة القبلة والتحدّث والأكل والشرب والضحك وما الی ذلک.
وفقًا لسنّة حسنة شائعة بين جميع المسلمين، يستحبّ تكرار التكبير بعد كل فعل أثناء الصلاة حتى نتذكر عظمة الله، ونمنع أنفسنا من إهمال غرض العبادة. ومن الجيد أيضًا أن نرفع أيدينا إلى جانب وجوهنا عند ذکر كل تكبيرة لنعلّم أنفسنا عدم أهمیّة مفاتن الدنيا وضرورة رفضها.
التالی: سورة الثناء
السابق: النيّة في الصلاة
المكتبة الإسلامية: معرفة الإسلام
[1] . وَلَهُ الْكِبْرِيَاءُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (الجاثیة: ۳۷)
[2] . يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ (البقرة: ۱۷۲)
[3] . يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (المجادلة: ۱۱)
[4] . ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (الحج: ۶۲)
[5] . سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (الصافات: ۱۵۹)
[6] . فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (البقرة: ۱۸۵)
[7] . لَن يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا وَلَٰكِن يَنَالُهُ التَّقْوَىٰ مِنكُمْ كَذَٰلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَىٰ مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ (الحج: ۳۷)