أعذار لترك الصلاة

الشخص الذي ابتعد عن الروحانية[1] واحتجز عقله وقلبه في سجن المادية[2]، لن یشعر بحاجة الی اقامة الصلاة[3] کما لا یری ضرورة لمساعدة الفقراء[4]، ولکن اذا کان هناک شخص يؤمن بالله وهو محسن ومع ذلك يقرر ترك الصلاة، فلا بدّ أنه كان لدیه سبب خاص لهذا القرار.

وإن کان هناك مجموعة متنوعة من الأسباب التي تسبّب ترک الصلاة، ولكن إنّ کتاب الله الذي يصرّ على إقامة الصلاة[5] ولم‌ یفرّط في التعبیر عن أيّ نقطة في بیان مقاصده[6]، يجيب ويقدم حلاً لجميع هذه الأعذار. ونذكر بعضاً منها على سبيل المثال:

بعض الناس یقولون أنّ الله أعظم وأجلّ من أن یحتاج إلى صلوات أمثالنا أو ینتفع ویستمتع من شکرنا.

ولکن القرآن یقول: أنکم أنتم الذين تحتاجون إلى الله[7]، وهو الغني علی الاطلاق الذي من رأفته یدعو عباده[8] للحصول علی المزید من الرحمة، ویحقّقوا لأنفسهم المزید من الأرباح من خلال تعزیز السلوک الأخلاقي وأداء الشکر[9].

ويرى آخرون أن العبادة ليست إلا خدمة خلق الله؛ فيعتقدون أن أفضل طريقة لإظهار الامتنان لنعم الله هي الاستخدام الصحیح لها على أفضل وجه ومساعدة المحتاجين، لا الإنحناء و الإستقامة و أداء بعض الکلمات.

نعم، إن الله تعالی یعارض وينکر الصلاة التي لا یصاحبها الإحسان[10]، لکنّه لمعرفته الکاملة بطبيعة البشرية[11] ودركه قیودنا النفسية[12] والمزالق التي تعترض طريقنا[13] یؤکّد علی ضرورة استعانتنا بالصلاة[14] حتی نبتعد عن الفحشاء[15]، ونتعرف علی الانحرافات و الأمور السیّئة التي یمکن أن نعتبرها جیدة وحسنة[16].

فریق آخر یدّعون أنهم يهتمّون دائمًا بذکر الله، ولکن نشکره ونظهر الامتنان له بطریقتنا الخاصة.

ولکنّ القرآن یری من الضروري بالإضافة إلى ذكر الله المستمر في کل حال[17]، الالتزام بخطة مخططة[18] ومن خلال انتقاد بعض الصلوات المبتذلة الخالیة عن المحتوا[19]، يظهر ضمنيًا عاقبة الفشل في الالتزام بالأطر الآمنة، وأنّه یمکن أن ینتهي إلى موقف لا یمکن حتی تصوّرها.

ومن الحجج والأعذار التي قد یذکر لترك الصلاة، هي الأشارة الی سوء سلوك بعض المصلين والأفعال القبيحة التي يرتكبونها باسم الدين والدعوة الی الصلاة، فینفّرون الناس حتی یکرهوا الدین و الصلاة.

وعلى الرغم من وجود مثل هذه المشكلة المؤسفة، اذا رأینا قوماً یسیئون استخدام شیئ ثمین قیّم،‌ فهذا لا یبرّر لنا حرمان أنفسنا عنه. والقرآن کما یذمّ السلوک السیّئ في التدیّن والایمان[20]، فأنّه یحذّر أيضًا أصحاب الأعذار أنّ سوء عمل الآخرين لا یمنعهم من أن يكونوا صالحين[21].

التالی: کیف یجب أن نصلّي؟

السابق: الصلاة من زاوية أخرى

العودة إلى الفهرس

 

المكتبة الإسلامية: معرفة الإسلام


[1] . مَن تَوَلّىٰ عَن ذِكرِنا وَلَم يُرِد إِلَّا الحَياةَ الدُّنيا (النجم: ۲۹)

[2] . ذٰلِكَ مَبلَغُهُم مِنَ العِلمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبيلِهِ وَهُوَ أَعلَمُ بِمَنِ اهتَدىٰ (النجم: ۳۰)

[3] . قالوا لَم نَكُ مِنَ المُصَلّينَ (المدثر: ۴۳)

[4] . وَلَم نَكُ نُطعِمُ المِسكينَ (المدثر: ۴۴)

[5] . وَأَن أَقيمُوا الصَّلاةَ وَاتَّقوهُ وَهُوَ الَّذي إِلَيهِ تُحشَرونَ (الأنعام: ۷۲)

[6] . ما فَرَّطنا فِي الكِتابِ مِن شَيءٍ (الأنعام: ۳۸)

[7] . يا أَيُّهَا النّاسُ أَنتُمُ الفُقَراءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الغَنِيُّ الحَميدُ (فاطر: ۱۵)

[8] . يَدعوكُم لِيَغفِرَ لَكُم مِن ذُنوبِكُم وَيُؤَخِّرَكُم إِلىٰ أَجَلٍ مُسَمًّى (إبراهیم: ۱۰)

[9] . وَمَن شَكَرَ فَإِنَّما يَشكُرُ لِنَفسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبّي غَنِيٌّ كَريمٌ (النمل: ۴۰)

[10] . فَوَيلٌ لِلمُصَلّينَ الَّذينَ هُم عَن صَلاتِهِم ساهونَ ‎الَّذينَ هُم يُراءونَ وَيَمنَعونَ الماعونَ (الماعون: ۴ إلي ۷)

[11] . وَلَقَد خَلَقنَا الإِنسانَ وَنَعلَمُ ما تُوَسوِسُ بِهِ نَفسُهُ وَنَحنُ أَقرَبُ إِلَيهِ مِن حَبلِ الوَريدِ (ق: ۱۶)

[12] . قالَ بَل سَوَّلَت لَكُم أَنفُسُكُم أَمرًا (یوسف: ۱۸)

[13] . إِنَّ الإِنسانَ خُلِقَ هَلوعًا إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزوعًا وَإِذا مَسَّهُ الخَيرُ مَنوعًا (المعارج: ۱۹ إلي ۲۱)

[14] . وَاستَعينوا بِالصَّبرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّها لَكَبيرَةٌ إِلّا عَلَى الخاشِعينَ (البقرة: ۴۵)

[15] . إِنَّ الصَّلاةَ تَنهىٰ عَنِ الفَحشاءِ وَالمُنكَرِ (العنکبوت: ۴۵)

[16] . الَّذينَ ضَلَّ سَعيُهُم فِي الحَياةِ الدُّنيا وَهُم يَحسَبونَ أَنَّهُم يُحسِنونَ صُنعًا (الکهف: ۱۰۴)

[17] . الَّذينَ يَذكُرونَ اللَّهَ قِيامًا وَقُعودًا وَعَلىٰ جُنوبِهِم (آل عمران: ۱۹۱)

[18] . إِنَّ الصَّلاةَ كانَت عَلَى المُؤمِنينَ كِتابًا مَوقوتًا (النساء: ۱۰۳)

[19] . وَما كانَ صَلاتُهُم عِندَ البَيتِ إِلّا مُكاءً وَتَصدِيَةً (الأنفال: ۳۵)

[20] . قُل بِئسَما يَأمُرُكُم بِهِ إيمانُكُم إِن كُنتُم مُؤمِنينَ (البقرة: ۹۳)

[21] . قالَ الَّذينَ استَكبَروا لِلَّذينَ استُضعِفوا أَنَحنُ صَدَدناكُم عَنِ الهُدىٰ بَعدَ إِذ جاءَكُم بَل كُنتُم مُجرِمينَ (سبإ: ۳۲)